حول مسمى الإسلامية..
"إسلامي" هو إسم نسب..وهو صيغة شهيرة لنسبة شيء ما إلى الإسلام..
ومثله "مصري" في النسبة إلى "مصر"، "غزّي" في النسبة إلى "غزة" و"عربي" في النسبة إلى العرب...ويؤنث كل هذا أو يذكر..
فيقال حضارة إسلامية، فلسفة إسلامية، فكر إسلامي وتاريخ إسلامي..
وفي كل حالة من هذه الحالات..تكون النسبة دائما إلى أصل الشيء ومنشؤه..فننسب المصري إلى مصر، لأنه لو لم تكن مصر لما كان مصري، وكذا ننسب المذاهب التي ذهبها المسلمون في دينهم إلى الإسلام، إذ أنه لو لم يكن الإسلام لما كان لأهله فيه مذاهب!
ذات الأمر يقال عن "الحضارة الإسلامية"، التي ما كانت لتقوم لولا الإسلام..و"الفلسفة الإسلامية" التي ما كانت لتكون لولا الإسلام، و"الفكر الإسلامي" الذي ما كان ليكون لولا الإسلام، و"التاريخ الإسلامي"..الذي ما كان ليكون لولا "الحضارة الإسلامية"، والتي بدورها لم تكن لتكون لولا الإسلام..
جدير بالذكر في هذا المقام أنه لا يشترط في كل ما هو إسلامي..أن يكون معبرا بالفعل عن روح الإسلام أو مطابقا له! فالفلسفة الإسلامية –مثلا- احتوت أطروحات عدة مرفوضة من وجهة نظر إسلامية أخرى..وهو ما يعني أن المقياس هنا ليس مدى التطابق مع العقيدة الإسلامية الصحيحة "والتي يدعي الجميع حملها على اختلافهم" وإنما يطلق الإسم على كل ما انطلق من الإسلام أساسا دونما نظر لكثير من التفاصيل..
فعلى سبيل المثال..يدخل في نطاق الفلسفة الإسلامية أطروحات كل من: المعتزلة والجبرية والجهمية والأشاعرة والصوفية وإخوان الصفا، ويدخل في نطاقها ما قال المتكلمين وما قال الفلاسفة وتجمع بين كل هذه الأطروحات..
وهذه الفرق على اختلافها وتناقضا أحيانا إنما تشكل أطروحاتها جميعا "الفلسفة الإسلامية" في النهاية..فليست كلمة الفلسفة الإسلامية هي نظرية واحدة مصاغة للجميع، واعتقادي أن هذا من المتعذر أن يكون بين البشر أصلا..
وعند الحديث عن التيارات الفكرية الإسلامية المعاصرة سنجد أننا سنطبق ذات الأسلوب..فكثير من المبادئ والأفكار، انطلقت من الإسلام ولم تكن لتكون لولا الإسلام "سواء كانت معبرة عنه فعلا أم لا، وسواء كانت مطابقة حتى للقرآن أم لا"، وسنجد أن أفكارا ومبادئ أخرى لم تكن لنشأتها أية علاقة بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد "سواء تقاربت معه في مبدأ أو أكثر أو لم تتقارب"، ولولا الظروف الدولية الراهنة ربما لم يكن ليقدّر لهذه الأفكار أن يسمع بها المسلمون بهذا القدر من الشهرة لها..
فسنجد أفكارا وتيارات لم تكن لتظهر لولا الإسلام مثل: الوهابية والإخوان والقطبيين والجهاديين والسلفية الجهادية والسلفية المرجئة، كل هذه الأفكار لم تكن لتقوم أساسا أو تظهر لولا أن حمل أصحابها عقيدة الإسلام وسعوا (بفهمهم) إلى: وضع الأفكار الملائمة لعصرهم عن الكيفية التي يعيشون بها في عصرهم دون الإخلال بهذه العقيدة..
وفي المقابل نجد أن أفكارا ومبادئ كالعلمانية والشيوعية والوجودية هي أفكار نشأت خارج حدود التاريخ الإسلامي أساسا، وخارج معطيات الإسلام "من حضارة ومسلمين وعقيدة"، وخارج الحيز الجغرافي لبلاد المسلمين وظروفهم..
مثل هذه الأفكار بالطبع لا تنسب إلى الإسلام، لا لأنها تناقض أو توافق الإسلام، لكن لأن الإسلام لم يكن له دور في ظهورها أو تكونها من الأساس..
وهكذا إذن يعمل إسم النسب في لسان العرب، فليس شرطا في المنسوب أن يكون مطابقا للمنسوب إليه أو أن يكون معبرا عنه، فلا الولد يطابق الوالد أو يعبر عن قبيلته، ولسنا نجد كل مواطن لدولة ما يدافع عن موقف بلده السياسي دائما بالضرورة..لكن المهم، أن يكون هذا المنسوب منتميا للمنسوب إليه ويعود الفضل إليه في ظهور المنسوب..